تضع البنوك المركزية عادة هدفاً للتضخم مثل 4%، فإذا ارتفع فوق المستوى المستهدف اتخذ البنك المركزي إجراءات معينة لمكافحة التضخم مثل رفع سعر الفائدة.
وإذا انخفض التضخم دون المستوى المستهدف اتخذ البنك المركزي إجراءات معاكسة مثل تخفيض سعر الفائدة.
ليس معروفاً ما إذا كان البنك المركزي الأردني قد وضع هدفاً للتضخم خلال هذه السنة.
وإذا كان قد وضع مثل هذا الهدف فإنه لم يعلنه، وبالتالي فإننا لا نعرف ما إذا كان البنك المركزي في الوقت الحاضر يكافح التضخم أم يريد المزيد منه أم يترك الأمور تأخذ مجراها بدون تدخل، علماً بأن الهدف شيء والتوقع شيء آخر.
الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي، مثل تخفيف القيود على البنوك، وتخفيض سعر الفائدة، وتوفير المزيد من السيولة، تجعلنا نعتقد أن البنك المركزي يفضل أن يرى نسبة التضخم ترتفع قليلاً، ولو أن ثقافة البنك المركزي على مدى السنوات كانت دائماً تدور حول مكافحة التضخم باعتباره الخطر الذي يهدد استقرار القوة الشرائية للدينار وهو أحد الأهداف الثابتة للبنك المركزي.
التضخم، أو قدر معقول منه، ليس شراً كله، وليس شراً دائماً، فقد يكون مفيداً لعدة جهات، وقد يكون من شأنه رفع حرارة الاقتصاد، وزيادة الأرباح.
وبشكل عام فإن للتضخم مزايا عديدة منها: تكبير الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية وبالتالي تخفيض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، وتخفيض عبء ديون القطاع الخاص وتمكينه من تسديد التزاماته في مواعيدها، وتخفيض الفائدة الحقيقية لدرجة جعلها سالبة في بعض الأحيان مما يشجع الاستثمار ويحفز المشاريع على التوسع، وارتفاع أسعار الأراضي والعقارات مما ’يحسن مركز الديون المصرفية المؤمنة برهن عقاري، وتخفيض كلفة الرواتب والأجور لأنها تتأخر في اللحاق بالتضخم مما يحسن قدرة المنتجين التنافسية ويحسن اقتصاديات التشغيل، وزيادة فعالية أدوات السياسة النقدية وتمكين البنك المركزي من التحرك والتأثير على مجريات الأمور بالاتجاه المرغوب.
هذا لا يعني أن التضخم خير كله، فمن شأنه زعزعة الثقة العامة، وتخفيض مستوى معيشة محدودي الدخل، وإلحاق الضرر بالمدخرين والمودعين والدائنين، وله قدرة على الانفلات من عقاله فيرتفع فوق المستوى المستهدف، ويهدد الاستقرار، ويؤثر سلباً على الصادرات الوطنية والسياحة الواردة ويشجع الاستيراد والسياحة الصادرة.
لا يبدو أن التضخـم سيقف في هذه السنة عند المستوى المرغوب فيه وهو 4%، وربما يكون أكثر أو أقل، مما قد يدفع البنك المركزي لتعديل سياسته النقدية الراهنة حسب تغير الظروف.